الثلاثاء، 19 يوليو 2011

محاولة بائسة لفهم جملة "آدي اللي أخدناه من الثورة".


في المدرسة... أيام ما كان المُدرس (أو الأبلة) يقولون لك جملتهم المعهودة "نسيت تاكل ؟ نسيت تشرب؟ نسيت تخش الحمام ؟ لأة طبعا ! أمال نسيت تحل الواجب ليه ؟"، كنت تشعر بنوع معين من الغيظ، لم تستطع تحديد سببه لأنك كنت صغيراً أو ربما استطعت ولكن الأمور لم تكن واضحاً بعد في عقلك.
الآن بعد أن أصبحت كبيراً استطعت معرفة سبب هذا الغيظ، السبب هو أن (الأكل) و(الشرب) و(دخول الحمّام) أساسيات في حياتك، أنت لن تحاول –ولن تقدر – أن تنساها، بينما الواجب المدرسي اللعين فهو لا يستحق منك أدنى اهتمام، وهو الأمر الذي يؤدي إلى استماعك الدائم إلى هذه الجملة.

بعد أن نجحت الثورة في القضاء على جزء – ربما اختلفنا في حجمه – من النظام، وقامت بعزل الرئيس السابق، وأسقطت الكثير من الأعلام الفاسدة، انقسم المصريون إلى أقسام مختلفة، أقسام كانت موجودة قبل الثورة ولكن حدودها قد سُنّت بعد الثورة حتى أصبحت حادة جداً.
هناك تقسيمات معينة... تستطيع تقسيم المصريين على حسب "الديانة"، أو"الطائفة"، أو"المنهج السياسي"، أو"مدى الحب للثورة"، إلخ...
في التقسيمة الأخيرة (مدى حب الناس للثورة) تجد قسمان رئيسيان..."ناس بتحب الثورة" و"ناس ضد الثورة"، الأمر بهذه البساطة.
بالنسبة بقه لقسم (الناس اللي ضد الثورة) فستجده منقسماً إلى أقسام أخرى، هناك (كارهو الثورة بشدة) وهناك (مفّضلو أن تبقى مصر بلا ثورة).
(كارهو الثورة بشدة) لن أتحدث عنهم لأنني لا أستطيع تحديد سبباً واضحاَ أو استنتاج رؤية واضحة لكرههم الشديد للثورة وحبهم الأشد للرئيس المخلوع، فلا مبارك كان زي الفل ولا شباب الثورة كانوا (قتّالين قُتلة).
سأتحدث هنا عن (مفّضلو أن نبقى بلا ثورة)، إن كنت مِن الناس اللي بتحب الثورة زيي فَلعل أوّل سؤال يتبادر إلى ذهنك عندما تتحدث عن هذه الفئة هو "ليه؟".
لماذا يرى بعض الناس أن الثورة (بتضيّع الوقت)، أو أن الثورة (ملهاش لازمة)؟ لماذا يعلّق هؤلاء الناس شمّاعة الأخطاء الحالية في الثورة المسكينة؟ لماذا عندما تقابلهم مشكلة يبادرون بقول "شُفت ؟ آدي اللي أخدناه من الثورة!".
لكي نجيب عن السؤال يجب أن نرجع للوراء قليلاً.
السبب هو أن من (لا يحبّذون فكرة وجود ثورة والشغل ده) مازالوا يفّكرون بنظرية (نسيت تاكل؟ نسيت تشرب ؟ أمال ليه نسيت تحل الواجب ليه ؟)، هم لم يخرجوا بعد من حالة الغيظ الطفولي الغير مبرر أسبابه، هم يجدون أن الثورة لم تُغيّر شيئا ؟ هل زادت المرتبات ؟ لأة. هل بدأنا نعيش حياة حرة كريمة ؟ لأة. هل يتمتع المصريون الآن بالعيش والحرية والكرامة والإنسانية ؟ لأة. هل الأمور (اتصلّحت) بشكل عام ؟ لأة..... ينظرون للأمور نظرة الواعِ بما يحدث حوله من تصرفات ولكنه يبررها بقالب واحد مثير للغيظ (غيظ محبو الثورة) وهو أن (ليه مشكلة السلفيين مظهرتش قبل الثورة ؟ ليه مشكلة الفتنية الطائفية قبل الثورة ؟ ليه وليه وليه ؟ أمّال بتقولوا الثورة حلوة ليه بقه ؟!!)، وهو نفس المنطق الذي يتبعه المدرس بمقولته (نسيت تاكل؟ نشيت تشرب؟ أمال نسيت تحل الواجب ليه ؟!).

والسبب الأكبر... هو الكسل.
الشعب المصري كسول بطبعه (مش كلّه ولكن نسبة منه)، المواطن المصري نشيط في عمله، يتحرك هنا وهناك ويعرق باللترات والجالونات، ولكن عندما يأتي شيء لا يؤمن بأهميته أو ربما لا يرى أنه ذو أهمية كبيرة فهو يفّضل أن لا يُحرّك ساكناً، عندما تفسد الحنفية فهو (يكّسل) أن يأتي بـ(جلدة) جديدة، عندما تضعف فرامل السيارة، فهو يكتفي بأن يضغّط على الفرامل ولكن بقوة أكبّر، عندما يُقطع البنطلون فهو يكتفي بترقيعه ويترك البناطيل الجديدة في الدولاب لم تُلمس بعد، باختصار.... يؤمن المواطن المصري بنظرية أن (التلصيم بينفع في كل حاجة).

وهكذا نرى أن (من هم ضد الثورة) يتّمتعون بثلاثة عيوب رئيسية:
أولاً: ما زالوا يثيرون الغيظ بأسلوبهم الشبيه بأسلوب المدّرسين إياه.
ثانياً: يفّضلون الكسل.
ثالثاً: يؤمنون بأن الحاجة المتلّصمة سوف تعمل للأبد(وهو ما لا يحدث)، ويؤمنون بأن (اللي تعرفه أحسن م اللي ماتعرفوش)، لذلك فالوطن المتلّصم والرئيس المعروف نواياه (وإن كانت خبيثة) أفضل من الدخول في مواضيع جديدة (مينوبناش منها إلا التعب).
الآن... لا نَملُك أن نفعل شيئاً سوى أن ندعو الله أن يهدي تلك الفصيلة، ونحاول إقناعهم بأن تحريك قدم المريض المصابة وإن كان مؤلماً جدا إلا أنه في مصلحته بالتأكيد، وأن كل الثورات في العالم لم تجعل شعوبها تنهض في شهور معدودة، نحن نعيد بناء شعب الآن، الأمر صعب بالتأكيد ولكن قرار البدء في البناء – وهو ما اتخذناه – كان قراراً أصعب، وأخيراً... علينا أن نحاول بقدر الإمكان أن نثبت لـ(من هم ضد الثورة) أن الثورة فعلت وتفعل ولسوف تفعل إنجازات لم نكن نتصورها في العهد السابق، الأمر فقط يحتاج إلى الثلاثية (صبر، عمل، وإيمان).
فكما قلنا (الشعب يريد إسقاط النظام)، وقلنا (الشعب يريد معرفة إيه النظام) يجب أن نقول (الشعب يريد الصبر والنظام).



ع.سالم
15-7-2011 
(لو متفق معايا في الكلام اعمل شير ... شكرا )

هناك تعليق واحد:

  1. لايك !

    تصدق مستفزين فعلا بتوع "آدي اللي خدناه من الثورة" !!

    ردحذف

إتكلّم!