السبت، 7 مارس 2015

ربما يجب عليّ أن أتوقف عن استخدام كلمة ربما، وأبدأ في استخدام المزيد من علامات الاستفهام.



"عارف إنتَ الناس اللي بتقول إن احنا لازم نمسِك في اللحظة؟ مش عارفة، بس حاسّة إنه العكس، اللي بيحصل إن اللحظة هيّا اللي بتمسكنا.. بتستولى علينا.. "
       -  ريتشارد لينكلاتر، على لسان نيكول من فيلم Boyhood

يشغلني حاليًا ما هو أتفه بكثير من الأحداث التي تشغل العالم (لحظة واحدة من فضلك; أولًا أنا لا أعرف ما الذي يشغل العالم، اختياري الخاطيء للكلمات مشكلة لن أعالجها في وقتٍ قريب. ثانيًا: التأكيد على تفاهة الأمر اللي في دماغي لا يُنفي أهميته بالنسبة لي، بس لو فكّرنا فيها سنجد أن تتفيهَهُ هي خدعة مُقاوَمَة رخيصة تتمثل في الاعتراف بتفاهة الموضوع –أو تتفيهه، مش هتفرق- من قِبَلي قبل أن يفعل أحدهم هذا. نظرية كُل نفسَك).

إذن، دعوني أتنحى جانبًا، لأنزع عباءة ذلك الشيء الذي يكتب كلماتٍ لها معنى، أو ملهاش، ودعوني أتسائل كطفل يخطو خطواته الأولى في هذا العالم. دعوني أسأل نفسي، وأسألكم:

كيف تمر علينا الأيام هكذا؟ كيف يبدو مرور الأيام سلسلًا كنهرٍ جارٍ في أحيانٍ ومزعجًا كآلام المفاصل في أحيانٍ أخرى؟ إزاي بتتغير الناس مع مرور الزمن؟ وليه؟ لماذا يتقلّب الناس؟ ولماذا تتبدل القلوب؟ سواء للأحسن أو الأوحش؟ وقد إيه أنا وانتم اتغيرنا عن السنة اللي فاتت؟ عن الشهر اللي فات؟ عن إمبارح؟ عن ساعة فاتت؟

من أين يستمِّد الناس الصبر، واليقين، والرحمة، والأمل؟ ولماذا تثير الكلمات المُجردّة للمعاني الكبيرة جدلًا أكبر مما تحتمله معانيها الأصلية؟

كيف يجد الناس الجَمَال في الأشياء؟ وأين؟ وكيف يصنعونه، وإزاي كل واحد بيتذوق الجَمَال على طريقته؟ لماذا أجِد الجمال في أشياءٍ من قبيل أن يكتب أحدهم على حائط كوبري طريق الـNA أنه "مسجد الغابة الحجرية هُنا" مُتبعًا الجملة بسهمٍ للدلالة على المكان؟

إزاي بتتخلِق المزيكا الحلوة؟ الأفلام الحلوة؟ الصور الحلوة؟ الكتب الحلوة؟ وليه الناس بتتعب عشان تطلِّع لِنا كُل هذا القدر من الجمال؟ وكنّا هنعمل إيه من غيرهم؟ ولماذا ستنتهي حياتنا جميعًا قبل أن نُنهي لستة المزيكا والأفلام والكتب التي لا تنتهي بدورها؟ وبالرغم من حُبي للألوان ليه بحب ارتداء الغوامق؟ وليه بيجيلي أوفردوز من كُتر الألوان والجَمال؟ 

كيف تبدو لحظات بعينها مشرقة ومليئة بالتفاؤل الحقيقي والصادق؟ ولماذا تبدو لحظاتٍ أخرى وكأنها نهاية العالم؟ ولماذا وبالرغم من معرفتنا –الضئيلة- لآلية عمَل المُخ البشري إلّا أننا لا نزال غير قادرين على التحكم فيه؟ ولماذا يتنطط القلب في سعادة ومرح بينما الدماغ بوزه ضارب شبرين قدّام؟ لماذا يُصبح إيجاد التوازن بين الاتنين هو أصعب شيء في الكون؟ وهل التوازن ده ضروري أصلًا؟ ما نسيب القلب والمخ يعملوا اللي همّا عايزينه!

Le fabuleux destin d'Amélie Poulain

وبعدين كيف تفرض اللحظة سطوتها علينا لهذه الدرجة؟ كيف لموسيقى فيلمك المفضل أن تفرض نفسها كساوند تراك للحظات مُعينّة في حياتك؟ كيف لفيلمٍ أو كتابٍ أو جملة من صديق أن تغيِّر من تفكيرك أو تدفعك لاتخاذ قرارات جريئة، أو حمقاء؟ وإزاي وبعد أن تنتهي اللحظات الجميلة الفارضة لنفسها نجد أنفسنا وقد تحلّينا بما يكفي من الجَلَد الذي يسمح لنا بأن نُكمِل باقي لحظاتنا الفارغة لآخرها؟

كيف تبدأ الأشياء/العلاقات/الصداقات/الحواديت/الأغاني/الروايات/الرحلات، وكيف تنتهي؟

أعتقد أننا لن نجد إجابات نموذجية لهذه الأسئلة، قد لا نجد إجابات أصلًا. أيكون البحث عن الإجابات هو الهدف من كل هذه الحدوتة الكبيرة؟ 

ممكن..

بس حقيقًة. بجد. أنا فعلًا مستمتع بهذا الكوكب. أرجوك، استمر في الدوران أيها الكوكب الجميل.