الأحد، 27 ديسمبر 2015

سأندم ولكن ليس كثيرًا، فلا بأس.



قط في الشارع يقف على كرسي قديم، ليس القط المذكور في التدوينة بالطبع (٢٠١٥)

لم أعُد أقرأ كثيرًا. أقرأ، ولكن ليس كما مضى. لم أعد أكتب كثيرًا، أكتب، ولكن ليس كما مضى. القراءة تشعرني بالأمان، والكتابة الحلوة تستفز قلمي، أكره الجُمَل الشبيهة بالجملة السابقة، التي تستعير الشيء لتُعبًّر به عن الفِعل: تستفز “قلمي" بدلًا من "تستفزني لأكتب"، تُحطم أحـــــلامي بدلًا من “تُحطم فكرة ما لدي”، "تُدمر قلبي" بدلًا من “تؤثًّر فيّ عاطفيًا أو نفسيًا بشكل لا يمكن تحديد نطاق تأثيره مما يجعلني أستعين بالقلب كدلالة غير واضحة على فَرَط الأوڤرويلمنج”.

كتبت من قبل تدوينة عن القطط والموسيقى والأحلام المنسية، راجعت أخر كتاب قرأته، كان لهاروكي موراكامي، مسحت التدوينة قبل أن أنشرها. كتبت بعدها بيومين عن القطط مرة أخرى، وهذه المرة كانت الكتابة تشبهني، أو على الأقل آمنتُ بذلك، كنت واقعًا تحت تأثير عناق طويل مستمر من طرفٍ واحد لقطٍ مشمشي اللون أجده يطوف أحيانًا حول إحدى مباني الجامعة، لم تكن تدوينة أفخر بنشرها ولكنها كانت تحت سطوة مشاعري المتدفقة نحو هذا القِط منطقية وجميلة وقابلة للقراءة، مسحت بدون قصدٍ التدوينة ولم أفلح في استعادتها. لم أحزن. الأمر الذي جعلني أفكر في جدوى كافة الأشياء الجميلة التي تحدث لنا وما مدى أهمية الكتابة عنها/توثيقها من عدمه.

أذكر مثلًا في شتاء ٢٠١٣ إني كنت بطبع شغل للجامعة في مصر الجديدة، الدنيا كانت بتمطٌر وإحساس عميق بالامتنان للمطر والشجر والرب كان يغمرني. كنتُ أُفكّر وقتها في أن أعود لأكتب شيئًا ما عن ما الشعور الذي راودني للتو، لكني لم أفعل، ربما لأني لغيت الفكرة فورًا لأننا لسنا في حاجة لـ بوست مراهق ميديوكر آخر عن المطر والشتا والخراء المشابه، وربما لأن الحاجات اللي طبعتها اتبلت في طريق عودتي للمنزل واضطررت أن أعيد طباعتها أكثر من مرة مما جعلني أعود إلى المنزل وقد نسيت كل شيء.

ولكن هاي، أنا لا أفعل ما أريد بالضرورة، ذاكرتي ومِن بعدها دماغي ستجعلانني أجلس وحيدًا لأكتب هذه الكلمات. الآن وبعد أن تذكرت الواقعة السابقة وكتبت عنها (الواقعة هنا كلمة كبيرة جدًا لوصف موقف كهذا، الموقف أيضًا كلمة كبيرة) أعرف أنني سأنام بقدرٍ بسيط من تأنيب الضمير، بس عادي. أحيانًا تكون الكتابة أشبه بقرن شطة يناديك جماله لأن تتناوله وتبكي.

الأربعاء، 29 يوليو 2015

نحن لا نعيش في فيلم آنيمي، للأسف.


2015


المعرفة تولِّد الإيمان، والإيمان يُغذِّي المعرفة. والجهل نقمة، وفضيلة.

لا أستطيع أن أجزم بوجود أو عدم وجود العوالم الموازية. أنا فقط لا أعرف. لا أعرف مدى إمكانية وجودها من عدمه، ولكن إن كانت هناك بالفعل عوالم موازية، فإنني سأحب أن أشهد بعض التقاطعات بين عالمنا والعوالم الأخرى (لن تصبح موازية إن تقاطعت، زائد إن هيطلع عين أبونا عشان نحاول نصلِّح ما نَتُج من عبث في التاريخ والمنطق وحياة البشر نتيجة ذلك التقاطع، بس مش مشكلة).

في عالمٍ موازٍ لنا، كُنتُ سأولد في القرية، أحرث وأرعى، وأساعد أمي والرب في تربية ديدان القز وخلق الحرير الأبيض، كنت مع التدريب الكافي سأكتسب القدرة على اجتناح الرياح تحت ذراعيّ مما سيمكنني من الطيران مع المحاولة المائة والسبعة والعشرين. كنت سأكتب الشعر وأرمي قصائدي التي لم أرضَ عنها في النهر، وأعيد الكتابة أكثر من مرة حتى أصل إلى قصائد أحبها وتُحبني. كنت سأحتفظ بقصائدي تحت المخدة ليلًا وأقرأها على أصدقائي صباحًا. كنت سأستغل موقع منزلنا القابع أمام الوادي المُشجر في اصطياد وتربية اليرقات المضيئة. كنت سأحتفظ بتلك اليرقات في برطمانات زجاجية وأهديها لأفراد أختارهم عشوائيًا من سُكان المدينة التي تقع عند سفح الجبل.

في ذلك العالم الموازي، كنت سأقترب منهن، من كافة الفتيات الجميلات، وأخبرهن عن مدى جمالهن وعن الماشية التي أستيقظ كل يوم في الصباح الباكر لرعايتها، وأُودع كلًا منهن بعصافير أوريجامي ملونة.

صَدَق أينشتين وتَبِعَهُ طلال فيصل حين أخبرانا بأن الخيال أقوى من المعرفة. ولذلك، في عالمنا هذا، غير الموازي إلا لنفسه، والذي تبدو فيه الكتابة عن العوالم الموازية خيالًا قميئًا، لا يمكنني أن أفعل شيئًا سوى أن أدعو لتمجيد الخيال، مهما بدا لنا رخيصًا أو مُدعيًا.

الجمعة، 19 يونيو 2015

بحثًا عن ملحمة |١| السماء والأرض





العالم كبير، جدًا.

ما يميّز الكائنات الحية، النباتات والحيوانات والحشرات والبشر والفطريات والكائنات الدقيقة كالبكتيريا والميكروبات والجراثيم، إلخ.. ، أننا –جميعًا-خُلقنا على قدرٍ كبير من الدقة والتعقيد الشديدين، وهو ما يجعلنا جميعًا –وبعيدًا عن أي محاولة للبحث عن مدى إعجاز الكون في صناعتنا- مخلوقاتٍ/كائناتٍ تستحق التبجيل المتبادل، الاحترام المتبادل، القليل-أو الكثير- من الحب.

وبالرغم من ذلك، نبدو نحن –البشر، الهوموسيپيانز- أكثر غرورًا ومركزية، وكأن كل الكائنات الحية الأخرى هي مجرد جزء من تجربتنا الكونية اللطيفة (التي نؤمن بأننا مَن نتحكَم بها تحكمًا كاملًا)، ويصبح الداعي منّا للتبجيل والتقدير المتبادل تافهًا بتفاهة إينفيرومنتاليست لا يُدرِك أن العالم كله قد خلق من أجل سيادته.


ما نحتاج أن نتذكره دائمًا، هو أنه هناك مُتسع للجميع. والحقيقة هي أن ملعبنا كبير، وحدودنا في أضيق حالاتها ستكون السماء. فاستمتعوا، والعبوا مع بعض.


الأحد، 7 يونيو 2015

فراغ بين قوسين.




سيجيء ذلك اليوم.. فبعد أن نكون قد خُضنا معارك صغيرة، غير ملحمية، وغير مُجدية، وبعد أن نكون قد اقتربنا ممن نُحب بالقدر الذي يكفينا (لم نكن أبدًا طمّاعين، لم نرغب في الإقتراب أكثر)، وبعد أن تكون قد تحركت مشاعرنا الباردة بما يثبت لنا أننا لسنا بموتى-أحياء، وبعد أن تكون قد خلت ليالينا من الابتسامات غير المبررة التي كانت تباغتنا قبل النوم، وبعد أن نكون قد تخلصنا من عدد لا بأس به من مخاوفنا التافهة، وبعد أن نكون قد أعلنّا مُراهَقـَتِنا الجميلة، الساذجة، بأن نربط الثورة بالحب، والدَمَ بالشِعر، والعَدْل بالسماء، وبعد أن نكون قد تعرفنا إلى أرواحٍ جديدة، وبعد أن نكون قد عَرِفنا أوجه مختلفة للشغف، وأصبحنا نعرف –أخيرًا- أكثر من تعريفٍ للحُب والشجر والشمس، وبعد أن نكون قد أخبرنا من نود أن نخبرهم بالأشياء التي كنا نود فعلًا أن نخبرهم إياها، وبعد أن نكون قد وصلنا إلى بلدةٍ صغيرةٍ نحبها ولا يبادلنا سُكانها الحُب... سيكون علينا أن نتوقع مجيء ذلك اليوم...اليوم الذي تبهت فيه أصالة الأشياء، وتفقد فيه الرسائل التي جاءتنا بريقها، وتعود فيه الأرواح المحُلقة إلى أصحابها...اليوم الذي سيكون علينا أن ندخل فيه بأنفسنا، طواعيًة، إلى الفراغ... الفراغ الذي يلتهم كل شيء.... الفراغ الذي يبتلع نفسه، حتى يخلق لنا قصصًا جديدة لنعيشها.... الفراغ الذي يبدو –وبالرغم من كل الحزن والألم الذي أوصلنا إليه- باعثًا للحنين.. مُطهرًا... وجميلًا.
  
  ___
عنوان التدوينة مُستوحى من ألبوم "untitled" للفرقة الآيسلندية "سيجوروس":
https://www.youtube.com/watch?v=fQt-7iUhBwo

الاثنين، 25 مايو 2015

ألم خفيف كريشة طائر.




بيرسيبوليس، فيلم لـ مارجان ساترابي، 2007


قلبي يحب الفرحة (أي قلب لا يحبها؟)، ولكنه لا يحتمل الفرحة الكاملة، اللحظات الخفيفة التي تخرج منها برضا لا يشوبه نغص في القلب. قلبي لا يحتمل السعادة الكاملة، ليس نكدًا ولكنه إدراك خفي بوجود أراضٍ مظلمة في القلب تمنع اكتمال تَقبُلي للفرحة، فرحتي أو فرحة غيري. في وسط البلد، فتاة عشرينية تسير مع صديقاتها، فجأة تدور حول نفسها دورة واحدة وكأنها بداية لرقصة لن تكتمل، وتُكمِل سيرها. ده شيء جميل كان في طريقه لأن يكون شيئًا أكثر جمالًا، وهذا في حد ذاته هارتميلتينج وكل حاجة، ومع ذلك، أتحسس قلبي وأشعر بألم بسيط أخف من أن يظل مُختزنًا لآخر اليوم وأكبر من أن أنساه عند العودة للمنزل.

يومًا ما وبدون تخطيط مسبق سأرقص. سأتخلى عن خجلي من أن أبدو تافهًا وسأخلع عباءة الجدية، سأتخلى عن لحظات سرقتها مُسبقًا من أجل صِدق هذه اللحظة، ولن أفكر في تخليدها من الأساس، سأتركها تُحركني على مزاجها. سأرقص رقصة لن أقدر على وصفها فيما بعد بالرقصة السعيدة لإنها لا تتمحور حول الفرح، ولا بالرقصة الصاخبة لأن الموسيقى لن تُصاحبها، سأخلق الموسيقى من الطبيعة حولي، ليس بالضرورة أشجارٍ وجذور وبحارٍ وعصافير مغردة، دَوَران محرك السيارة سيكون كافيًا. ولن أصنفها تحت تصنيف جغرافي كرقصة شرقية أو غربية، ولن تكون رقصة معروفة كالتانجو أو السالسا، ولن تقع تحت تصنيفات مثل البريك أو الإليكترونيك دانسينج. يومًا ما سأرقص بشكل حر، أكثر حرية من الرقص الحر ذات نفسه، وأكثر توسعًا من مصطلحات مثل الرقص المعاصر أو الرقص ما بعد الحداثي. مُجرد تحريك للأطراف بدون تفكير في الخطوات التالية.

 ارتجال وتحرر تامّين. كريحٍ تحرك الريشة في المشهد الأول لفيلم فوريست جامب.

قد تكون رقصة سخيفة، أو سيئة، أو مثيرة للشفقة، لن أخجل من جسدي أو من كلام الآخرين، وسأتقبل المشككين بزيف الرقصة وافتعالها بسعة صدر وابتسامة. ومهما تملّك الرقصة من خجل أو اضطراب، ومهما صاحب الرقصة من تريقة من الأصدقاء أو غيرهم إلّا أنني لن أهتم، حقًا. يومًا ما سأرقص رقصة واحدة، الأولى والأخيرة، رقصة لا تُوصَف إلا بفعل الرقص.


وقتها ستنظر لي أحداهن من بعيد، بملامح باردة، ليست كراهيةَ ولا حِقدًا ولا نكدًا، ولكن ربما لأن قلبها يحب الفرحة، ولكنه لا يحتملها كاملة، وقتها لن أهتم بأن أشرح لها ما أود تحقيقه فعلًا من هذه الرقصة، لأن القرار وقتها لن يكون لي. وقتها، سأُكمل فقط رقصتي لنهايتها، وأدعها لتتحسس موضع الألم الخفيف في قلبها.


-----
عنوان التدوينة هو حُبًا وعرفانًا وتريبيوت لرواية الكاتب علاء خالد التي تقع تحت عنوان "ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر".

الجمعة، 15 مايو 2015

قررت أن تختبيء، ولكننا لا نبحث عنك



توقف عن الإدعّاء، حتى تتجنب الفضيحة.

أرجوك، لا تفتعل الحزن، لأنني نصحتك أكثر من مرة ولا فائدة، أخبرتك من قبل، قلت لك: "لا تذهب إلى الحفلة وحيدًا".

لا تجمع أشلاء نفسك، اتركها في غرفتك ومكان عملك، الحمل ثقيل، أنت تحتاج إلى شخصٍ آخر ليساعدك، وإلّا فلا تذهب.

أخبرتك... لا تذهب إلى الحفلة بدون صديق تشكي له تقّصُف شعر الفتاة الواقفة أمامك، لا تذهب إليها بدون مرافق يزعجك في اختيار المشروب المناسب في الاستراحة ويحرجك حينما يعتلي الكراسي ويُصفّر بفمه بصوتٍ عال.

أشفق عليك، وأعرف مدى تورطك في نفسك، توقف عن حُب الأشياء الصغيرة، واترك للآخرين قدرًا من الإضاءة الخافتة وألحان الجيتار لتنساب بينهم، لا تكن بهذا القدر من الأنانية، ولا تتوقع أن سعاد جاءت لتغني من أجلك فقط.

مسكين، حاول أن تُخفي مشاعرك المرهفة إلى حفلة أخرى أكثر صخبًا وأقل تأثيرًا، تحكّم في نفسك ولا تجعل عدة أغانٍ سببا لتوليد هذا القدر من المشاعر. صدِّقني لن يستوعب الناس دموعك في حفلة كهذه.

توقف عن التفكير في مظهرك، وأدع ربّك أن يُوقف قطرات العرق من الخروج. مسامك واسعة، وجلدك دهني، ودموعك مالحة وتستدعي معها القليل من مخاط أنفك، وهي أخطاء ليس لك دخل فيها، ولا للرب.

بقاءك داخل نفسك أمرٌ مؤلم، واستخدامك لصيغة المخاطب هي محاولة فاشلة ومثيرة للشفقة لتبعد أنظار الآخرين عنك.

أخبرتك من قبل: كُف عن توريط نفسك.

الاثنين، 4 مايو 2015

بالون أحمر عالق في السماء.


بخفة
تطير القصائد قاصدةً أطراف المدن
تَعلق بقلوب المراهقين
وتجبرهم على كتابة حماقاتهم الجميلة على الورق
تدفعهم لاتخاذ قرارات مصيرية
كابتلاع حبات المنوِّم قبل حلول منتصف الليل
أو احتضان الدواوين القديمة
أو الابتعاد عن الأصدقاء لفترة...
....                    
القصائد جميلة
كما المراهقين،
الذين لا يعرفون شيئًا.


--
إبريل، 2015

السبت، 7 مارس 2015

ربما يجب عليّ أن أتوقف عن استخدام كلمة ربما، وأبدأ في استخدام المزيد من علامات الاستفهام.



"عارف إنتَ الناس اللي بتقول إن احنا لازم نمسِك في اللحظة؟ مش عارفة، بس حاسّة إنه العكس، اللي بيحصل إن اللحظة هيّا اللي بتمسكنا.. بتستولى علينا.. "
       -  ريتشارد لينكلاتر، على لسان نيكول من فيلم Boyhood

يشغلني حاليًا ما هو أتفه بكثير من الأحداث التي تشغل العالم (لحظة واحدة من فضلك; أولًا أنا لا أعرف ما الذي يشغل العالم، اختياري الخاطيء للكلمات مشكلة لن أعالجها في وقتٍ قريب. ثانيًا: التأكيد على تفاهة الأمر اللي في دماغي لا يُنفي أهميته بالنسبة لي، بس لو فكّرنا فيها سنجد أن تتفيهَهُ هي خدعة مُقاوَمَة رخيصة تتمثل في الاعتراف بتفاهة الموضوع –أو تتفيهه، مش هتفرق- من قِبَلي قبل أن يفعل أحدهم هذا. نظرية كُل نفسَك).

إذن، دعوني أتنحى جانبًا، لأنزع عباءة ذلك الشيء الذي يكتب كلماتٍ لها معنى، أو ملهاش، ودعوني أتسائل كطفل يخطو خطواته الأولى في هذا العالم. دعوني أسأل نفسي، وأسألكم:

كيف تمر علينا الأيام هكذا؟ كيف يبدو مرور الأيام سلسلًا كنهرٍ جارٍ في أحيانٍ ومزعجًا كآلام المفاصل في أحيانٍ أخرى؟ إزاي بتتغير الناس مع مرور الزمن؟ وليه؟ لماذا يتقلّب الناس؟ ولماذا تتبدل القلوب؟ سواء للأحسن أو الأوحش؟ وقد إيه أنا وانتم اتغيرنا عن السنة اللي فاتت؟ عن الشهر اللي فات؟ عن إمبارح؟ عن ساعة فاتت؟

من أين يستمِّد الناس الصبر، واليقين، والرحمة، والأمل؟ ولماذا تثير الكلمات المُجردّة للمعاني الكبيرة جدلًا أكبر مما تحتمله معانيها الأصلية؟

كيف يجد الناس الجَمَال في الأشياء؟ وأين؟ وكيف يصنعونه، وإزاي كل واحد بيتذوق الجَمَال على طريقته؟ لماذا أجِد الجمال في أشياءٍ من قبيل أن يكتب أحدهم على حائط كوبري طريق الـNA أنه "مسجد الغابة الحجرية هُنا" مُتبعًا الجملة بسهمٍ للدلالة على المكان؟

إزاي بتتخلِق المزيكا الحلوة؟ الأفلام الحلوة؟ الصور الحلوة؟ الكتب الحلوة؟ وليه الناس بتتعب عشان تطلِّع لِنا كُل هذا القدر من الجمال؟ وكنّا هنعمل إيه من غيرهم؟ ولماذا ستنتهي حياتنا جميعًا قبل أن نُنهي لستة المزيكا والأفلام والكتب التي لا تنتهي بدورها؟ وبالرغم من حُبي للألوان ليه بحب ارتداء الغوامق؟ وليه بيجيلي أوفردوز من كُتر الألوان والجَمال؟ 

كيف تبدو لحظات بعينها مشرقة ومليئة بالتفاؤل الحقيقي والصادق؟ ولماذا تبدو لحظاتٍ أخرى وكأنها نهاية العالم؟ ولماذا وبالرغم من معرفتنا –الضئيلة- لآلية عمَل المُخ البشري إلّا أننا لا نزال غير قادرين على التحكم فيه؟ ولماذا يتنطط القلب في سعادة ومرح بينما الدماغ بوزه ضارب شبرين قدّام؟ لماذا يُصبح إيجاد التوازن بين الاتنين هو أصعب شيء في الكون؟ وهل التوازن ده ضروري أصلًا؟ ما نسيب القلب والمخ يعملوا اللي همّا عايزينه!

Le fabuleux destin d'Amélie Poulain

وبعدين كيف تفرض اللحظة سطوتها علينا لهذه الدرجة؟ كيف لموسيقى فيلمك المفضل أن تفرض نفسها كساوند تراك للحظات مُعينّة في حياتك؟ كيف لفيلمٍ أو كتابٍ أو جملة من صديق أن تغيِّر من تفكيرك أو تدفعك لاتخاذ قرارات جريئة، أو حمقاء؟ وإزاي وبعد أن تنتهي اللحظات الجميلة الفارضة لنفسها نجد أنفسنا وقد تحلّينا بما يكفي من الجَلَد الذي يسمح لنا بأن نُكمِل باقي لحظاتنا الفارغة لآخرها؟

كيف تبدأ الأشياء/العلاقات/الصداقات/الحواديت/الأغاني/الروايات/الرحلات، وكيف تنتهي؟

أعتقد أننا لن نجد إجابات نموذجية لهذه الأسئلة، قد لا نجد إجابات أصلًا. أيكون البحث عن الإجابات هو الهدف من كل هذه الحدوتة الكبيرة؟ 

ممكن..

بس حقيقًة. بجد. أنا فعلًا مستمتع بهذا الكوكب. أرجوك، استمر في الدوران أيها الكوكب الجميل.

الخميس، 1 يناير 2015

عشر نقاط/دروس مستفادة/نصائح من 2014




1-  ربما يجب عليك أن تخلع قناع الجدية أحيانًا، لأنك لست كذلك دائمًا، وأنت تدرك ذلك. ربما يجب عليك أن تجد شخصًا مناسبًا لتحكي له حواديتك الصغيرة التافهة، صديق، صديقة، سواق تاكسي. حواديتك التافهة هامّة بنفس أهمية أساطيرك الشخصية.

2-  اقطع علاقاتك مع الناس اللي بتكره الدنيا من حواليها، أو التي تعترف بذلك على الأقل... أعلم أنك تبدو أحيانًا واحدًا منهم، ولكنك تتغير. أتمنى ذلك.

3-  قلل من استخدامك للشبكات الاجتماعية/الـsocial networks: مشاركة أفكارك مع العائلة ومع البشر أفضل كثيرًا من مشاركتها في الفضاء الإليكتروني. الكتب التي قرأتها تظل أجمل إن لم تحكِ عنها كثيرًا، والمزيكا التي سمعتها ستبقى أكثر دفئًا إن تركتها داخل مستودعاتها الأصلية. وإن شاهدت فيلمًا أو قرأت كتابًا ولم يُعجِبَك، يمكنك فقط أن تتمنى فيلمًا أو كتابًا أفضل في المرة القادمة، لا داعي لأن تشكي همّك وتشكي الساعات التي ضاعت من وقتك لقاطني الإنترنت.

4-  لستة الأشياء التي تود أن تفعلها ليست ليستة مقدسّة، احذف من الـbucket list وأضِف إليها، لن تخسر شيئًا إن حذفت أمنيات فانتازية بزيادة، وبالمقابل أضفت عدد من الأحلام الصغيرة التي قد تكون ذات معنى كبير عندك.

5-  الناس بتتغير، بشكل مثير للتأمل (يمكنك إدراك ذلك عندما تجد نفسك جالسًا على ترابيزة في مطعم مع عدد من الأصدقاء، وقد وضعت يدك تحت خدك، متأملًا ما آلت إليه أدمغة وقلوب من كنت تعرفهم، مصاحبًا هذا التأمل بابتسامة خفيفة لا تكتمل).

6-  تقبل أخطائك واعترف بها، لا بأس بالقليل من الهزائم الصغيرة.

7-  شاهد فيلم The Big Lebowski مرة على الأقل كل عام.


9-  حاول.. لو تقدر.. أن تكون أكثر مباشرةً وصراحة، ابتعد عن الاستعارات المكنية والتشبيهات التي لن يفهمها أحد غيرك، لا داعي لأن تُشبّه إحداهن بالنوودلز أو أن تشبّه أغانيك المفضلة بأفلامك المفضلة أو العكس. قد تكون تلك الألعاب بمثابة Easter eggs أو نُكَت ضمنية لطيفة لتلعب بها مع نفسك، ولكنها ليست كذلك بالنسبة للآخرين.

10-  لأنك ساذج، ربما كان من الطبيعي أن تتورط. ولأنها ليست كذلك، ربما كان من الطبيعي أن لا تتورط هي بالمقابل. أتعرف؟ ربما فقط عليكَ أن تتوقف عن العبث في هاتفها المحمول وأن تصارحها في وجهها.