الأحد، 27 ديسمبر 2015

سأندم ولكن ليس كثيرًا، فلا بأس.



قط في الشارع يقف على كرسي قديم، ليس القط المذكور في التدوينة بالطبع (٢٠١٥)

لم أعُد أقرأ كثيرًا. أقرأ، ولكن ليس كما مضى. لم أعد أكتب كثيرًا، أكتب، ولكن ليس كما مضى. القراءة تشعرني بالأمان، والكتابة الحلوة تستفز قلمي، أكره الجُمَل الشبيهة بالجملة السابقة، التي تستعير الشيء لتُعبًّر به عن الفِعل: تستفز “قلمي" بدلًا من "تستفزني لأكتب"، تُحطم أحـــــلامي بدلًا من “تُحطم فكرة ما لدي”، "تُدمر قلبي" بدلًا من “تؤثًّر فيّ عاطفيًا أو نفسيًا بشكل لا يمكن تحديد نطاق تأثيره مما يجعلني أستعين بالقلب كدلالة غير واضحة على فَرَط الأوڤرويلمنج”.

كتبت من قبل تدوينة عن القطط والموسيقى والأحلام المنسية، راجعت أخر كتاب قرأته، كان لهاروكي موراكامي، مسحت التدوينة قبل أن أنشرها. كتبت بعدها بيومين عن القطط مرة أخرى، وهذه المرة كانت الكتابة تشبهني، أو على الأقل آمنتُ بذلك، كنت واقعًا تحت تأثير عناق طويل مستمر من طرفٍ واحد لقطٍ مشمشي اللون أجده يطوف أحيانًا حول إحدى مباني الجامعة، لم تكن تدوينة أفخر بنشرها ولكنها كانت تحت سطوة مشاعري المتدفقة نحو هذا القِط منطقية وجميلة وقابلة للقراءة، مسحت بدون قصدٍ التدوينة ولم أفلح في استعادتها. لم أحزن. الأمر الذي جعلني أفكر في جدوى كافة الأشياء الجميلة التي تحدث لنا وما مدى أهمية الكتابة عنها/توثيقها من عدمه.

أذكر مثلًا في شتاء ٢٠١٣ إني كنت بطبع شغل للجامعة في مصر الجديدة، الدنيا كانت بتمطٌر وإحساس عميق بالامتنان للمطر والشجر والرب كان يغمرني. كنتُ أُفكّر وقتها في أن أعود لأكتب شيئًا ما عن ما الشعور الذي راودني للتو، لكني لم أفعل، ربما لأني لغيت الفكرة فورًا لأننا لسنا في حاجة لـ بوست مراهق ميديوكر آخر عن المطر والشتا والخراء المشابه، وربما لأن الحاجات اللي طبعتها اتبلت في طريق عودتي للمنزل واضطررت أن أعيد طباعتها أكثر من مرة مما جعلني أعود إلى المنزل وقد نسيت كل شيء.

ولكن هاي، أنا لا أفعل ما أريد بالضرورة، ذاكرتي ومِن بعدها دماغي ستجعلانني أجلس وحيدًا لأكتب هذه الكلمات. الآن وبعد أن تذكرت الواقعة السابقة وكتبت عنها (الواقعة هنا كلمة كبيرة جدًا لوصف موقف كهذا، الموقف أيضًا كلمة كبيرة) أعرف أنني سأنام بقدرٍ بسيط من تأنيب الضمير، بس عادي. أحيانًا تكون الكتابة أشبه بقرن شطة يناديك جماله لأن تتناوله وتبكي.