السبت، 24 مايو 2014

كل شيء يصبح أكثر هدوءًا في الزمالك، عند منتصف الليل.


من أعمال جورج عزمي- georgeazmy.tumblr.com


في عِز الشُغل والمذاكرة والسياسة والبهدلة والمرمغة والفُرجة على السيدات والسادة الذين باعوا أرواحهم حصريًا للشيطان من أجل الحصول على مناصب أعلى، وفي عِز القُبح الذي يسيطر على عالمنا، أجد نفسي -فجأة وبدون مقدمات- واقعًا في غرام شيء بسيط.. للغاية. يَكبر هذا الشيء في عقلي ويحتل حيزًا كبيرًا من تفكيري، ولا أملك سوى أن أستسلم للألعاب الصغيرة التي تحدث داخلي.

أُفكِّر في مدى بساطة هذا الشيء، وأنه "جميل وكل حاجة"، ولكن ينتابني شعور من الذنب وإحساس مُزعج بتأنيب الضمير:  لِم أُحب شيئًا ما -أيًا كان هذا الشيء- بهذا المقدار؟ وكيف يمكن لشيء بسيط كغلاف كتاب لم أقرأه بعد أن يكون له كل هذا التأثير  والزخم والعاطفة؟ لِم-كل-هذا-القدر-من-الدراما؟ 

تلك الأشياء البسيطة، للغاية، تَكبُر لتُصبح قطاعات عريضة من تفكيري اليومي، وتنتشر لتصبح عناصر تحتل مكانة لا بأس بها في قلبي. يعني بالله عليكم، كيف لتفاصيل وأشياء كهذا أن أتركها لتمر مرور الكرام: شوارع القاهرة ليلًا، رائحة البُن في شوارع الزمالك، لحن عرفته منذ زمن طويل وسمعته مؤخرًا في فيلم جميل،  طفلة تجلس مع والدها في السيارة -ولسبب ما- أجدهما يضحكان بشدة، أحدهم في المترو يدندن أغنية لبوب ديلان (ذلك شيء لا يحدث كل يوم بالمناسبة)، ابتسامة من إحداهن، بقايا ترنيمة أسمعها خارجة من كنيسة في مصر الجديدة، سائق تاكسي لا أعرفه ولا يعرفني يدعوني لشرب كوب من العصير، ضحكة فتاة فلسطينية، رواية تدور أحداثها في بيروت، رسم كاريكاتير لصلاح جاهين، فريق موسيقى كُنت أؤمن .بأنني الوحيد الذي يعرفه لأجد شخصًا آخر يشاركني نفس الحُب والمزيكا

التفاصيل تقتُل، وتصنع -وحدها- عوالم أكبر من أن أحاول استيعابها. .

 فكّرت في مدى فداحة الواقع، ومدى صعوبة وثِقَل الحياة التي نعيشها، فكرّت في مدى تورطي في التفاصيل والأشياء البسيطة، وحاولت أن أبحث عن إجابات مناسبة للأسئلة المذكورة أعلاه، واهتديت بالفعل إلى إجابة قد لا تكون مناسبة وقد تكون نموذجًا جيدًا للف والدوران ولكنها إجابة ترضيني أنا شخصيًا، ألا وهي: أنني لن أحاول إجبار نفسي على إيقاف عملية التفاعل مع هذه الأشياء، سأدعها تحدث، بس كده. دعنا نقلب كفّة الأسئلة لنضع أسئلة أخرى مثل: ما الذي سيحدث إن أحببت شيئًا بسيطًا -أيًا كان هذا الشيء- بهذا المقدار؟ فيها إيه؟ ما المانع؟ ما المشكلة إن أحببت غلاف كتاب لم أقرأه بعد إلى هذه الدرجة؟ 

بل إنني أصبحت أؤمن بأن تلك الأشياء الصغيرة والبسيطة هي ملاذي الوحيد للاستمرار على قيد الحياة.

أُفكِّر في أنني إن حدث ودخلت الجنة فأنا فعلًا فعلًا فعلًا لا أريد أكثر من ذلك. تلك الأشياء البسيطة اللي بتيجي على بالي في الدنيا، سأريدها كلها كما هي في الجنة. المهم التفاصيل... الكثيـــر من التفاصيل يا رب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتكلّم!