الاثنين، 4 مايو 2015

بالون أحمر عالق في السماء.


بخفة
تطير القصائد قاصدةً أطراف المدن
تَعلق بقلوب المراهقين
وتجبرهم على كتابة حماقاتهم الجميلة على الورق
تدفعهم لاتخاذ قرارات مصيرية
كابتلاع حبات المنوِّم قبل حلول منتصف الليل
أو احتضان الدواوين القديمة
أو الابتعاد عن الأصدقاء لفترة...
....                    
القصائد جميلة
كما المراهقين،
الذين لا يعرفون شيئًا.


--
إبريل، 2015

السبت، 7 مارس 2015

ربما يجب عليّ أن أتوقف عن استخدام كلمة ربما، وأبدأ في استخدام المزيد من علامات الاستفهام.



"عارف إنتَ الناس اللي بتقول إن احنا لازم نمسِك في اللحظة؟ مش عارفة، بس حاسّة إنه العكس، اللي بيحصل إن اللحظة هيّا اللي بتمسكنا.. بتستولى علينا.. "
       -  ريتشارد لينكلاتر، على لسان نيكول من فيلم Boyhood

يشغلني حاليًا ما هو أتفه بكثير من الأحداث التي تشغل العالم (لحظة واحدة من فضلك; أولًا أنا لا أعرف ما الذي يشغل العالم، اختياري الخاطيء للكلمات مشكلة لن أعالجها في وقتٍ قريب. ثانيًا: التأكيد على تفاهة الأمر اللي في دماغي لا يُنفي أهميته بالنسبة لي، بس لو فكّرنا فيها سنجد أن تتفيهَهُ هي خدعة مُقاوَمَة رخيصة تتمثل في الاعتراف بتفاهة الموضوع –أو تتفيهه، مش هتفرق- من قِبَلي قبل أن يفعل أحدهم هذا. نظرية كُل نفسَك).

إذن، دعوني أتنحى جانبًا، لأنزع عباءة ذلك الشيء الذي يكتب كلماتٍ لها معنى، أو ملهاش، ودعوني أتسائل كطفل يخطو خطواته الأولى في هذا العالم. دعوني أسأل نفسي، وأسألكم:

كيف تمر علينا الأيام هكذا؟ كيف يبدو مرور الأيام سلسلًا كنهرٍ جارٍ في أحيانٍ ومزعجًا كآلام المفاصل في أحيانٍ أخرى؟ إزاي بتتغير الناس مع مرور الزمن؟ وليه؟ لماذا يتقلّب الناس؟ ولماذا تتبدل القلوب؟ سواء للأحسن أو الأوحش؟ وقد إيه أنا وانتم اتغيرنا عن السنة اللي فاتت؟ عن الشهر اللي فات؟ عن إمبارح؟ عن ساعة فاتت؟

من أين يستمِّد الناس الصبر، واليقين، والرحمة، والأمل؟ ولماذا تثير الكلمات المُجردّة للمعاني الكبيرة جدلًا أكبر مما تحتمله معانيها الأصلية؟

كيف يجد الناس الجَمَال في الأشياء؟ وأين؟ وكيف يصنعونه، وإزاي كل واحد بيتذوق الجَمَال على طريقته؟ لماذا أجِد الجمال في أشياءٍ من قبيل أن يكتب أحدهم على حائط كوبري طريق الـNA أنه "مسجد الغابة الحجرية هُنا" مُتبعًا الجملة بسهمٍ للدلالة على المكان؟

إزاي بتتخلِق المزيكا الحلوة؟ الأفلام الحلوة؟ الصور الحلوة؟ الكتب الحلوة؟ وليه الناس بتتعب عشان تطلِّع لِنا كُل هذا القدر من الجمال؟ وكنّا هنعمل إيه من غيرهم؟ ولماذا ستنتهي حياتنا جميعًا قبل أن نُنهي لستة المزيكا والأفلام والكتب التي لا تنتهي بدورها؟ وبالرغم من حُبي للألوان ليه بحب ارتداء الغوامق؟ وليه بيجيلي أوفردوز من كُتر الألوان والجَمال؟ 

كيف تبدو لحظات بعينها مشرقة ومليئة بالتفاؤل الحقيقي والصادق؟ ولماذا تبدو لحظاتٍ أخرى وكأنها نهاية العالم؟ ولماذا وبالرغم من معرفتنا –الضئيلة- لآلية عمَل المُخ البشري إلّا أننا لا نزال غير قادرين على التحكم فيه؟ ولماذا يتنطط القلب في سعادة ومرح بينما الدماغ بوزه ضارب شبرين قدّام؟ لماذا يُصبح إيجاد التوازن بين الاتنين هو أصعب شيء في الكون؟ وهل التوازن ده ضروري أصلًا؟ ما نسيب القلب والمخ يعملوا اللي همّا عايزينه!

Le fabuleux destin d'Amélie Poulain

وبعدين كيف تفرض اللحظة سطوتها علينا لهذه الدرجة؟ كيف لموسيقى فيلمك المفضل أن تفرض نفسها كساوند تراك للحظات مُعينّة في حياتك؟ كيف لفيلمٍ أو كتابٍ أو جملة من صديق أن تغيِّر من تفكيرك أو تدفعك لاتخاذ قرارات جريئة، أو حمقاء؟ وإزاي وبعد أن تنتهي اللحظات الجميلة الفارضة لنفسها نجد أنفسنا وقد تحلّينا بما يكفي من الجَلَد الذي يسمح لنا بأن نُكمِل باقي لحظاتنا الفارغة لآخرها؟

كيف تبدأ الأشياء/العلاقات/الصداقات/الحواديت/الأغاني/الروايات/الرحلات، وكيف تنتهي؟

أعتقد أننا لن نجد إجابات نموذجية لهذه الأسئلة، قد لا نجد إجابات أصلًا. أيكون البحث عن الإجابات هو الهدف من كل هذه الحدوتة الكبيرة؟ 

ممكن..

بس حقيقًة. بجد. أنا فعلًا مستمتع بهذا الكوكب. أرجوك، استمر في الدوران أيها الكوكب الجميل.

الخميس، 1 يناير 2015

عشر نقاط/دروس مستفادة/نصائح من 2014




1-  ربما يجب عليك أن تخلع قناع الجدية أحيانًا، لأنك لست كذلك دائمًا، وأنت تدرك ذلك. ربما يجب عليك أن تجد شخصًا مناسبًا لتحكي له حواديتك الصغيرة التافهة، صديق، صديقة، سواق تاكسي. حواديتك التافهة هامّة بنفس أهمية أساطيرك الشخصية.

2-  اقطع علاقاتك مع الناس اللي بتكره الدنيا من حواليها، أو التي تعترف بذلك على الأقل... أعلم أنك تبدو أحيانًا واحدًا منهم، ولكنك تتغير. أتمنى ذلك.

3-  قلل من استخدامك للشبكات الاجتماعية/الـsocial networks: مشاركة أفكارك مع العائلة ومع البشر أفضل كثيرًا من مشاركتها في الفضاء الإليكتروني. الكتب التي قرأتها تظل أجمل إن لم تحكِ عنها كثيرًا، والمزيكا التي سمعتها ستبقى أكثر دفئًا إن تركتها داخل مستودعاتها الأصلية. وإن شاهدت فيلمًا أو قرأت كتابًا ولم يُعجِبَك، يمكنك فقط أن تتمنى فيلمًا أو كتابًا أفضل في المرة القادمة، لا داعي لأن تشكي همّك وتشكي الساعات التي ضاعت من وقتك لقاطني الإنترنت.

4-  لستة الأشياء التي تود أن تفعلها ليست ليستة مقدسّة، احذف من الـbucket list وأضِف إليها، لن تخسر شيئًا إن حذفت أمنيات فانتازية بزيادة، وبالمقابل أضفت عدد من الأحلام الصغيرة التي قد تكون ذات معنى كبير عندك.

5-  الناس بتتغير، بشكل مثير للتأمل (يمكنك إدراك ذلك عندما تجد نفسك جالسًا على ترابيزة في مطعم مع عدد من الأصدقاء، وقد وضعت يدك تحت خدك، متأملًا ما آلت إليه أدمغة وقلوب من كنت تعرفهم، مصاحبًا هذا التأمل بابتسامة خفيفة لا تكتمل).

6-  تقبل أخطائك واعترف بها، لا بأس بالقليل من الهزائم الصغيرة.

7-  شاهد فيلم The Big Lebowski مرة على الأقل كل عام.


9-  حاول.. لو تقدر.. أن تكون أكثر مباشرةً وصراحة، ابتعد عن الاستعارات المكنية والتشبيهات التي لن يفهمها أحد غيرك، لا داعي لأن تُشبّه إحداهن بالنوودلز أو أن تشبّه أغانيك المفضلة بأفلامك المفضلة أو العكس. قد تكون تلك الألعاب بمثابة Easter eggs أو نُكَت ضمنية لطيفة لتلعب بها مع نفسك، ولكنها ليست كذلك بالنسبة للآخرين.

10-  لأنك ساذج، ربما كان من الطبيعي أن تتورط. ولأنها ليست كذلك، ربما كان من الطبيعي أن لا تتورط هي بالمقابل. أتعرف؟ ربما فقط عليكَ أن تتوقف عن العبث في هاتفها المحمول وأن تصارحها في وجهها.

الأحد، 23 نوفمبر 2014

لن تَصِلَ هذه الرسائل لأصحابها، لأنها لم تُرسَل بعد.


الرسالة رقم (1).

إلى الصديق العزيز:

الوقت لا يمر بسرعة، نحن فقط لا نجاريه كما ينبغي. الحكايات التي بدأناها سويًا لن ننهيها سويًا، غالبًا ما تعلمناه مع بعض سنشاركه مع الآخرين، ليس لأن الفيس بوك وسيط قاتل للمعنى، ولكن لأننا اكتسبنا وسنكتسب المزيد من الخبرات والأفكار التي لن نقدر على مشاركتها بواسطة البيناري سيستم.

لاحظت تَقَرُبك مؤخرًا من الحروف، وابتعادك التدريجي عن الأرقام. لاحظت حبّك للراديوهات القديمة، خط الثُلُث، والديواني، الفريمات المُربعة، الشبابيك، الشيش، الخشب، الستائر، الفُل، والياسمين، اللون الأخضر، ودرجات الذهبي والأصفر. لا أعرف مدى تقربك من المزيكا، ولا أعرف إن كنت ما زلت تحتفظ بأغاني بوني إم على هاتفك أم لا. ولكنني أعرف أن ما قد تبدو عليه أحيانًا من براجماتية أو تعلق بآراء سياسية لا طائل لها (أنت تُدرك ذلك جيدًا) لن يمنعني من أن أترك لك كتابًا أعرف أنك لن تقرأه، ولكنك ستتذكرني كلما رأيته قابعًا جوار كُتبك الأخرى، وهو كل ما أطمح إليه.


(days of heaven (1978

الرسالة رقم (2).

إلى الصديقة العزيزة:

قبل أن يلتفت كلًا منّا إلى حاله (ليست النهاية، على ما أعتقد، ولكننا في حاجة فعلًا لأن يلتفت كلانا إلى حاله الخاص، مؤقتًا) خليني أسألُكِ: هل يصح لي أن أستخدم الألفاظ التي استخدمتها من قبل؟ أهو تكرار للمعنى، أم توكيد للفظ؟ كلمات مستهلكة؟ أم أساليب سترتبط بي لاحقًا ككاتب يحاول عابثًا البحث عن إجابات لأسئلة لم تُطرح؟

أعتقد أنني في حاجة إلى التطهر: أن أملك القدرة على الخروج من نفسي والعودة إليها، أن أتخلص من إنهاك الكلمات المُنهَكة، أتخلص من الـrhythms التي تداعب الإيجو. دَعيني أُخبِرُك بأني لا أعاني من أعراض الانسحاب، ليس بعد، ولكني أصبحت تدريجيًا أُدرك الفرق بين أنا الآن وبين أنا منذ أسبوع فائت، غالبًا بسببكِ أصبحت أكثر اقتناعا بأنني لن أعاني أصلًا من أعراض الانسحاب لأنه وببساطة لا شيء غلط في أن ترتعش يدي اليُمنى حينما أحاول كتابة لستة الأفلام التي تحتاجين إلى مشاهدتها.

أعتقد أنني أتغير، أو سأتغير، أصبحت أكثر وعيًا بحركة ذرات الهواء حولي، لم أعد أخجل من أن أسأل سائق التاكسي عن صوت الشيخ الذي يقرأ سورة يس في الراديو، أو عن اسماء الشوارع التي تتقاطع مع صلاح سالم.

 عارفة؟ أجمل ما في الموضوع هو أنِّك لا تدركين شيئًا عن هذا الكلام. على الإطلاق. كما في الأفلام بالضبط، أحدهم وبكل بساطة وعدم تفكير في العواقب سيترك رسالة، سيفعل فعلًا، سينظر نظرة، ستكون كافية بتغيير حياة البطل بدون أن يُدرك مدى تورطه في اللعب بوقائع دراما البطل المسكين.

يبدو أن الأشياء الجميلة تحدث، أحيانًا.


الخميس، 7 أغسطس 2014

أين ذهبت ميس هالة؟



the spirit of the beehive (1973), directed by victor erice


 1
أعتقد أن الوظيفة الأهم لذاكرة البشر هي اجترار المشاعر المُلحقة بذكريات الماضي وليس اجترار الذكريات بحد ذاتها. أثق في أن دماغي ومذكراتي الورقية وألبومات الصور والأصدقاء والعائلة سيتكفّلون بتذكيري بما حدث في اليوم الفُلاني. تذكر الأحداث هو أتفه وأسهل ما في الأمر. الحدث نفسه قد لا يكون بأهمية المشاعر التي انتابتني أثناء وقوعه.

 الذاكرة خُلقت لتتذكر مشاعرك في الأوقات المُختلفة، أذكر جيدًا شعوري عندما لمست دودة القز لأول مرة، أذكر نعومة/لزوجة جسد الدودة، وأذكر جيدًا مشاعري التي تناوبت بين الإجلال/تقدير الجمال الإلهي وبين التقزز من حشرة لم يكن لي شرف لمسها أو رؤيتها من قبل.

2
نجلاء فتحي..

لا أعرف نجلاء فتحي جيدًا ولست مهتمًا بمشاهدة أفلامها القديمة، ولكنني منذ أسبوعين شاهدت لها لقاءًا تلفزيونيًا قديمًا مع المذيعة "منى جبر"، من عام 1972 تحديدًا، تتحدث فيه عن أفلامها الجديدة وعن جائزة قد حازت عليها في تلك السنة، مخرج اللقاء قرر أن يكون في منزل نجلاء، وقد أخذ عددًا من اللقطات المختلفة التي تبين لنا حياة "الفنانة" اليومية، فيبدأ اللقاء مثلًا ونجلاء ترقص على موسيقى كلاسيكية، ثم يأتي ابنها من المدرسة فتُقبله وتسأله عن أخباره في المدرسة وإن كان بيذاكر ولا لأ، وهكذا... المهم.. بعد ذلك، تنظر نجلاء إلى الكاميرا وتُحدثنا –نحن المشاهدين- فتقول بنبرة حالمة: "أنا متفائلة أوي.. وسعيدة أوي.. لإن في بداية 72 ونهاية 71  أخدت أول جايزة فنية.. من كتر فرحتي كنت حاسّة إن هيغمى عليّا".

يمر اللقاء، وفي النهاية، تسأل "منى جبر" نجلاء السؤال المُعتاد، عن مشروعاتها الجديدة، فترد: "قبل ما اتكلم عن مشروعاتي الجديدة أنا عايزة أقول إني قررت بيني وبين نفسي إني عمري ما هزعّل نفسي أبدًا.. حرام الواحد يزعل.. الدنيا حلوة ومفيش حاجة تستاهل إن الواحد يزعّل نفسه عليها".

الحوار كان مليئًا بالمشاعر الصادقة (أكان مليئًا بالمشاعر الصادقة؟)، لا أعلم حقيقةّ إن كان مُتكلفًا أو زائفًا أم لا، ولكني أعرف أنه كان حديثًا من القلب، أو هكذا أعتقد.

 الأمر يحتاج إلى التفكير: لِمَ بدا لي كلام نجلاء عن مشاعرها صادقًا للغاية، لو دار حديث مثل هذا مع فنانة مُعاصرة لما تقبلت الأمر ولرأيته سخيفًا ومصطنعًا ومليئًا بالأفورة المُفتعلة والحُلم غير المنطقي... على من يقع الخطأ؟ من أوصلني وأوصلنا إلى هذه الدرجة؟ لِمَ لا تبقى الأشياء كما هي؟

من يتغير؟ أنا أم الآخرون؟

3
مع ذلك، هناك أشياء لا تتغير.

4
في أيام المدرسة كُنت طفلًا ساذجًا وعبيطًا وعلى نيّاته، كان تعاملي مع الآخرين واضحًا وشفافًا إلى درجة أفتقدها وأخشاها هذه الأيام. في سنوات الإعدادية الأولى وفي آخر أيام السنة الدراسية أخبرتنا ميس هالة بأن إحنا أتأخرنا جدًا في المنهج وأنه يجب علينا أن نُسرع قليلًا ونشد حيلنا، وقتها نظرتُ إلى ساعتي الرقمية المزودة بخاصية عرض التاريخ لتخبرني الساعة بأننا في منتصف شهر مايو، قلت حينها بصوت مرتفع:

"آه فعلًا.. باقي أقل من شهر ع الامتحانات.. إحنا متأخرين جدًا"

وقتها عم الضحك أرجاء الفصل. لم أفهم. هزقتني ميس هالة قائلة: "يعني أنا بتكلم بجد وإنتا جايّ تستظرف؟"، أقسمتُ لها بأني لا أفهم شيئًا وبأني لا أعلم لماذا يضحك باقي التلاميذ، ولكنها لم تستمع إليّ وكان مصيري هو الطرد خارج الفصل.

لاحقًا عرفت أن سبب ضحك التلاميذ وغضب ميس هالة هو اعتقادهم بأنني كنت استهزأ وأستخف من الموضوع حين نظرت إلى "ساعتي" وأخبرتهم إنه باقي "شهر"، يبدو أنهم لسبب أو لآخر لم يدركوا أن ساعتي –زي أي ساعة ديجيتال أخرى- تستطيع توفير الوقت والتاريخ معًا. قررت في اليوم التالي أن أرسل لها رسالة طويلة، أشرح فيها موقفي بوضوح، بدأتها بداية رسمية من نوعية "تحية طيبة مُعطرة بالورود، أما بعد" وأنهيتها "مع كامل تحياتي واحترامي، عبد الرحمن"... تحدثت في الرسالة عن مواضيع كثيرة، وصارحت ميس هالة بعدة مشاكل وجدتها في الفصل الدراسي، وطلبت منها أن تدعوا لي بأن يُحضر والدي الهدية المُعينة اللي في دماغي لعيد ميلادي القادم.

في اليوم التالي، وردًا على رسالتي، سلمتني ميس هالة رسالة أخرى في الخفاء بعيدًا عن أنظار التلاميذ، فتحت الرسالة في البيت وقرأتها، أخبرتني فيها بلباقة أنها تعتذر عن سوء الفهم الذي حدث، وأنها تدعو بأن أحصل على هدية عيد الميلاد اللي في دماغي.

5
عند الصغر تبدو كل الأشياء واضحة، ويبدو التعبير عن ما بداخلك من أفكار أو مشاعر سهلًا للغاية، الأمر لا يتعلق بالبراءة في الصغر أكثر من كونه يتعلق بالسواد عند الكبر.

 بمرور الوقت، وبعد أن كبرت، اختفت قدرتي على التعبير، واختفت معها الرسالة التي أرسلتها لي ميس هالة بعد أن كنت احتفظت بها لسنوات في محفظتي السوداء، كبرت، ولم أعُد بهذا القدر من السذاجة، ولكن يبدو أني ما زلت عبيطًا بشكل أو بآخر.