الأحد، 2 فبراير 2014

سِفْر الاعتدال

من أعمال آندي وارهول


ألم مجاراة الأيام في الحاضر القبيح أقل قسوة من ألم التخلص من ذكريات الماضي، هكذا كنت أؤمن قديمًا، وهكذا كنت أُحمِّل الأمور أكثر مما تحتمل.

أحيانًا أُخبر نفسي بأنني أُحمّل الأمور -فعلًا- فوق طاقتها، أُفكِّر في الأمر بروية، وأجد أن الواقع لا يحتمل هذا القدر من الجدية، ولا يحتمل أيضًا هذا القدر من المشاعر البريئة (هنا يقع الكاتب في خطأ منطقي غير مقصود، المشاعر البريئة لا تعني بالضرورة أن حاملها بريء أيضًا، بغض النظر عن تعريفنا لمعنى "البراءة" ها هنا(.

أمّا الجدية، فهي من قبيل مواجهة الهزل ومشتقاته; المرح والسعادة والانبساط، حجة واهية لتمالك الأعصاب بشكل مؤقت، الجدية تسمح لك بالتقاط أنفاسك، الركون إلى جنب، التفكير في أمور لم يُفكر بها الآخرين، الجدية تسمح لك بتقطيب جبينك في أي وقت تريد.
  
أما المشاعر البريئة فهي غير مُتحَكَمُ بها، تأتي إذ تأتي وتذهب إذ تذهب، الحساسية المفرطة لكلماتٍ بسيطة، الربط بين الحيوات التي تراها في السينما وبين الواقع ربطًا سطحيًا مُباشرًا، إعجابك المفرط بقصة شعر إحداهن، بكاءك في أوقاتٍ غير مناسبة، شرودك الدائم بحثًا عن إجاباتٍ لأسئلة لم تُطرح.

حاول أن تُوازن بين كفتي الجدية والهزل، الواقع والخيال، الكراهية والحب، لا تُغلِّب كفة على أُخرى فتُصبح منبوذًا. على فكرة، حرية الاختيار تسمح للفرد بأن يُغلٍّب كفة الخيال عن الواقع، أو العكس، لك أن تُغرق نُفسك في خيال كئيب أو في واقع أكثر كآبة، براحتك، ولكن الناس يا سيدي مبتحبش كده. من الآخر، أمامك خيارين، أن تُغلّب كفتك المُفضلة عن الأخرى، أو أن توازن بينهما، في الحالة الأولى ستخسر الناس، في الثانية ستخسر نفسك.

أتعلم؟ في نفس الوقت الذي تهاجمك فيه مشاعرك الساذجة أو تهاجمك نوبة أخرى من تقطيب الجبين تحت مُسمى الجدية، فإن العالم ما زال أمامه حروبًا لتُنهى، كواكب لتُكتشف، أجهزة لتُخترق، بترول ليُسرق، أفلامًا لتُصنع، مبان لتُهدم. خلاصة القول: العالم حقًا حقًا حقًا لا يأبه لجديتك، ولا لمشاعرك البريئة.... فتبًا لك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتكلّم!