الخميس، 29 نوفمبر 2012

هل نحن الجيل المِعفن الوحيد ها هنا؟



يبدو أن جيل الشباب الحالي في مصر.. وهو في تقديري من العمر 18 لـ28 سنة تقريبًا، ليس بهذا السوء الذي نتوقعه.

لمَ؟ أقولّك ليه يا سيدي.

منذ ما يقرب من شهرٍين أو أكثر وحتى هذا اليوم، قررت القيام بإحصائية ساذجة جدًا. إحصائية أعتمد فيها على الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، قررت أن أقوم بإحصائية لا أحتاج فيها إلى أوراق أو أي مساعدٍ آخر، بل وإحصائية قد يكون الحُكم عليها من قِبَلي غير مُرضيًا لكَ أصلًا، لذلك فهي إحصائية شخصية جدًا، وتجربة لها ما لها وعليها ما عليها.

سأعرض عليكم النتائج النهائية ولكم أن تصدقوا النتائج أو تؤيدوها أو تعترضوا. مش مهم. سأعرض ما توصلّت إليه وخلاص. (ملحوظة: أرجو عدم الإعتماد على هذه النتائج في أيًة مقالات أو مواضيع.. ده لو حد قرأ الكلام ده).

بالاستعانة بموقع ask.fm وموقعين آخرين للدردشة التي لا تحتاج فيهما إلى بذل المجهود أو تسجيل اسمك أو الباسوورد، قمت بسؤال عينة مُختارة حاولت أن أُنوّع فيها بين الأعمار التي تراوحت من 18 لـ28 سنة... قُمت بسؤال 200 شخص بالضبط، من دولٍ أجنبية، كانت غالبًا: بريطانيا، أمريكا، إيطاليا، أستراليا، كندا، ألمانيا (من حسن الحظ أن جميعهم كانوا يتحدثون الإنجليزية)، منهم حوالي 110 من الشباب و90 من الفتيات... قُمت بطرح أسئلة معينة عليهم (يا إمّا بشكل مباشر، وكان ذلك من خلال موقع آسك إف إم، يا إمّا في وسط حوار عادي جدًا من خلال مواقع الدردشة).

وكانت الأسئلة والإجابات كالتالي:

(قبل أن تنتقل للأسئلة، ملحوظة: قررت أن أضع نسبة الإجابات على طول، لا داعي أن أقول أن الفتيات كانت النسبة عندهن كذا وأن الشباب كانت النسبة عندهم كذا.. هحُط الإتنين ف بعض وخلاص)

السؤال الأول: ما هو فيلمك المفضل على الإطلاق؟

-       ما يعادل 35% منهم أجابوا بـ"twilight" (لا تعليق).
-       ما يعادل 30% منهم أجابوا بأحد أجزاء سلسلة "harry potter"
-       ما يعادل 5% أجابوا بـ"the hunger games"
-       ما يعادل 18% منهم أجابوا بأسماء أفلام لا يعلِم بيها إلا ربنا. أفلام كلها يا إما مجهولة الهوية يا إما من الدرجة الثالثة أو الرابعة.
-       ما يعادل 12% منهم ذكروا أنهّم يحبون أفلامًا ذات قيمة فنية.. نوعًا ما (the good the bad the ugly, a beautiful mind, seven pounds, the pursuit of happiness,  وتيتانيك! على إعتبار أن تيتانيك ذو قيمة يعني).
-       
السؤال الثاني: ما هو كتابك المفضل على الإطلاق؟

-       ما يعادل 55% كانت إجاباتهم "the hunger games" (!)
-       ما يعادل 15% كانت إجاباتهم "twilight"
-       ما يعادل 10% كانت إجاباتهم إحدى أجزاء سلسلة "harry potter"
-       ما يعادل 19.5% كانت إجاباتهم تتراوح بين كتب التنمية الذاتية (عادةُ تكون لجوزيف ميرفي أو أنطوني روبنز) وكتب الكوميكس.
-       شخص واحد أخبرني أن كتابه المفضّل كان إحدى روايات كورماك مكارثي. كنت عايز أنُط أبوسه بصراحة.

 السؤال الثالث: ماذا تعرف عن مصر؟

-       62% كانت إجاباتهم الأولية من قبيل "Camels, pyramids? right"
-       18% تقريبًا كانت إجاباتهم الأولية "تقع في إفريقيا/ يتحدث أهلها العربية/ حدث فيها ثورة".
-       18% كانت إجاباتهم "دولة في إفريقيا". بس (آه والله).
-       2% كانت إجاباتهم "إرهابيين؟"

السؤال الرابع: هل تعرف في أي قارة تقع جبال الألب؟ (واخدلي بالك.. قارة.. موسّعها أنا أوي).

-       60% من الإجابات كانت "don't know!"
-       20% من الإجابات كانت "don't give a shit!" (أو حاجة تانية غير شِت).
-       12% من الإجابات كانت "أوروبا" (الحمد لله).
-       8% من الإجابات كانت خاطئة.

السؤال الخامس: أتعرف ما هو بوذا؟

-       84% وبنسبة تكاد تكون ساحقة كانت إجاباتهم من قبيل"what??/LOL/your girlfriend? "
-       8% كانت إجاباتهم "إله".
-       4% كانت إجاباتهم "مؤسس الديانة البوذية"
-       4% مردّوش عليّا. معرفش ليه.

السؤال السادس: ماذا تفعل في حياتك هذه الأيام؟

-       60% كانت إجاباتهم "ولا حاجة"
-       28% كانت إجاباتهم عشوائية لا تدل على ما يريدون فعله حقًا "أسمتع إلى ليدي جاجا/بلعب سيلك روود/بتفرج ع التلفزيون"
-       12% كانت لهم إجابات واضحة محددة "أذهب إلى الجامعة/أذاكر لأصبح طبيبًا/أذاكر لأصبح مهندسًا/ أذاكر لأصبح أي نيلة/ أفكر في كتابة رواية... إلخ"

كنتُ قد طرحت أسئلة أكثر من ذلك ولكن هذه الأسئلة كان من السهل جمع إجاباتها وتحديد نِسَب الإجابات بشكل مُقرّب.

إذن. هل نحن الجيل الوحيد البايظ أو الجيل الوحيد الذي لا يعرف شيئًا عن نفسه ولا عن العالم حوله؟ صِدقًا.. لا أستطيع الإجابة بشكل محدد. ولكن إنبسطوا يا جماعة، إفرحوا، نحن لسنا بهذا السوء. ما زال هناك جيل كامل في القارات الأخرى لا يعرف ما هو بوذا ويرى أن فيلم توايلايت أفضل فيلم صُنِع في تاريخ البشرية.

في صحِتنا جميعًا.



الاثنين، 15 أكتوبر 2012

"والنبي يا مّا": العفوية في زمن غير عفوي



بُهِرت.

هذا ما حدث عندما استمعت إلى أغنية "والنبي يا ماّ".  يُسجّل محمود الليثي هنا أسطورته عن النساء، بدون تعقيد. لا وجود للتفلسف الشعبي الذي يشتهر به الشعراء المغمورين. لا وجود للفراخ أو اللحمة ولا للسجاير البُني ولا للجمل الدينية التي تجذب انتباه المستمع. فقط تعبير صارخ/واضح يضع قانونًا ثابتًا لشخصية بسيطة جدًا لا تفتعل التعقيد ولا تحاول كبح جماح نفسها في التعبير عن رأيها بكل جراءة. محمود الليثي يُعبّر هنا عن رأيه في بنات اليوم. لم يصفهن بالجمال ولم يصفهن بالقبح. لم يضع عبارات غزل في كلماته كما يفعل ثلاثة أرباع جيله، ولم يؤكد على أنهم بمجانين ولا بأن فيهم ربع ضارب. فقط يوضّح بحيادية تامة رأيه، وإن كان عنيفًا. وليحدث ما يحدث.

وفي نفس السياق وبشكل موازي، يكتب صفات البنت التي يبحث عنها. لا داعي بقه لإظهار إن إنتا بيهمك العيون، والأخلاق الكريمة وهذا الهراء. لأ. بكل وضوح يؤكّد محمود أن فتاة أحلامه كفتاة أحلام أي مصري آخر. عايزها (حِلوة، طِعمة، مبتقولش بابي ومامي، بيضا، متطلبش منه يودّيها مشاوير). بس. مش عايز أكتر من كده.

                             
  
في عصرنا هذا، من النادر أن تجد أغنية بهذه العفوية والانطلاق، ملعونة أبو الكلمات وأبو مواطن الجمال وأبو الأحاسيس. عبّر عن نفسك ولو بالصراخ لسِت الحاجّة، إحكيلها، فهي دائمًا ما ستنصت إليك. مش شرط تُرُد عليك على فكرة. قولها "والنبي ياما. هموت عليها ياما"، لن ترد عليك. ولكنها ستكتفي بإخبارك إن الجامعة فيها بنات حلوين.

وهو ما فعله محمود الليثي. ذهب للجامعة بالفعل ليُفاجيء أن كل البنات والولاد هناك فرافير. لم يتقبل الأمر. لم يسكت. صرخ مؤنبًا والدته أن "دول مش هينفعونا يامّا. هيجننونا يامّا. هيطهقونا يامَا". ومنعًا للشك، وإستمرارًا في رحلة البحث "الشريفة" عن فتاة أحلامه، يؤكّد في النهاية أنّه بالرغم من جرأته وجنونه لن يدخل البيت إلا من بابه... ليُنهي الأغنية وهو يشير إلى فتاة أحلامه، محدثًا والدته: "هيّا ديّا يا مّا. هموت عليها يا مّا. نروح لأبوها يا مّا."

 بلغة تصل إلى المواطن البسيط يحجز محمود الليثي تذكرة لنفسه في قطار ملوك الغناء الشعبي، ليؤكِّد أن أيدلوجية الغناء الرومانسي أو الحالم بشكل عام لا تصلح دائمًا مع المواطن الذي لا يعي الرومانسية لأنه – كدة ولّا كده - لم يُجربها بعد. فالبحث ما زال جاريًا.

أغنية تضع حدودًا بين الواقع والخيال، ليس للتفريق بينهما، بل لإظهار التباين الأخّاذ الذي لن يظهر إلّا إن كان هناك إبداع خالص في التعبير عن الفكرة، أيًا كانت جرأتها أو تفاهتها بالنسبة للبعض.


السبت، 13 أكتوبر 2012

أريد أن أنام.





أريد أن أنام. تعبت من الاستيقاظ مبكرًا، تعبت من الاستيقاظ متأخرًا، تعبت من الاستيقاظ من أجل الذهاب لمواعيد لا أود حضورها، تعبت من ركوب التاكسي، ليس لأن ركوبه متعب ولكن لأن الخروج منه يُذكرني بتعب الحياة. تعبت من التعب. أريدكم أن تسيبوني في حالي، أريدكم أن تستمعوا إليّ، لا أحد منكم يسمعني. أنتم نيتكم مش سليمة.. ولا أنا. أتركوني نائمًا من فضلكم. أريد أن أرتاح. أريد أن أنام نومًا عميقًا، أريد أن أحلم حلمًا عبيطًا يمكن تفسيره بشكل فلسفي بعد استيقاظي، كأن أرى نفسي أقطع يدي اليمنى وأعطيها لراهبة في معبد قديم. أو أن أرى حلمًا يحتوي على لقطات متفرقة لمشاهد طبيعية من مدن يصعب نطق أسمائها، وينتهي الحلم بمشهد أخير في القمر حيث أجد نفسي مبتسمًا أشرب عصير القصب. أريد أن أنام لأنام، لا أريد أن أنام لأستيقظ غدًا. أريد أن أنام كما ينام مدمني الحشيش، أريد أن أُجرب الحشيش ولكني أخاف لحسن أتعوّد عليه. أريد أن أنام، لأستيقظ بعد الفجر بنصف ساعة، متأملًا ذلك الضوء الخفيف الذي يخترق النافذة، متسائلًا إن كان ده المغرب ولّا الفجر.

يسألني سائق الميكروباص: "رايح فين يا باشا؟"، أخبره بأن "ثواني، أنا همدد بس ع الكنبة اللي ورا"، يقول لي "مينفعش. دي تاخد لسه ع الأقل أربعة". أعطيه عشرة جنيهات وأقول "خلي الباقي عشانك".

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

عالم مجنون - Mad world





كل ما حولي.. وجوه رأيتها من قبل.
أماكنٌ بالية.. وجوه بالية.
مُشرقة.. جاهزة للصراعات اليومية.
تسير بلا هُدى.. تسير بلا هُدى.

دموعهم تملأ نظاراتِهم.
لا تعابير.. لا تعابير.
أُحنى رأسي، راغبًا في الغرق بأحزاني.
لا وجود للغد. لا وجود للغد.
                
وإنني لأجد الأمر مضحكًا نوعًا ما/حزينًا نوعًا ما.
أن تكون الأحلام التي تنتهي بموتي.. هي أفضل أحلامي.
أجد صعوبة في إخبارك. أجد صعوبة في الأخْذ.
عندما يجري الناس في دوائر..
إنه عالم مجنون.. حقًا.
عالمٌ .. مجنون..

الأطفال ينتظرون اليوم الذي سيكونون فيه بحالة جيدة.
عيد ميلاد سعيد. عيد ميلاد سعيد
أشعر بما يجب على الأطفال أن يفعلونه.
"اجلس واستمع.. اجلس واستمع"

ذهبت إلى المدرسة وكنت مُتوتِرًا.
لم يعرفني أحد. لم يعرفني أحد.
"أهلًا أستاذي، أخبرني: ما هو درسي؟
أُنظر من خلالي. أنظر من خلالي".

                
وإنني لأجد الأمر مضحكًا نوعًا ما/حزينًا نوعًا ما.
أن تكون الأحلام التي تنتهي بموتي.. هي أفضل أحلامي.
أجد صعوبة في إخبارك. أجد صعوبة في الأخْذ.
عندما يجري الناس في دوائر..
إنه عالم مجنون.. حقًا.
عالمٌ .. مجنون..

 ---

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

لماذا لم يُصنَع فيلمًا حتى الآن يتناول حياة رجل يعاني من الروائح الكريهة بين أصابع قدميه؟




2012©


هه؟ لماذا ؟
لماذا لم يُصنَع فيلمًا حتى الآن يتناول حياة رجل يعاني من الروائح الكريهة بين أصابع قدميه؟ وتكون القصة الرئيسية للفيلم هي رحلة بحثه عن العلاج المناسب لذلك، ورحلته بين الصيدليات وعيادات أطباء الجلدية للبحث عن الـ(تريتمنت) الذي سيُغيّر حياته وحياة عائلته رأسًا على عقِب؟


لماذا لم يُصنّع فيلمًا حتى الآن عن شاب يمتلك كمبيوتر به فيروس لعين لا يستطيع الـBet Defender ولا الـA.V.G إزالته؟ تنقلب حياته رأسًا على عقِب. يذهب لمهندسي الكمبيوتر. لا حل. يسأل شركة مايكروسوفت في منتداها المتواضع. مفيش فايدة. يستشير خبراء البرمجة. محدش عنده فِكرة. الحل الوحيد هو فرمتة الجهاز، أيُضحي بذاكرة الجهاز مقابل عودة الويندور للحياة بذاكرة الأطفال البيضاء؟ أم يرضخ للفيروس ويحيا مع الويندور في لحظاته الأخيرة؟ الـهاردوير vs السوفت وير. المعركة النفسية الحاسمة.

لماذا لم يُصنَع فيلمًا حتى الآن عن رجل مدمن للقهوة يخبره أصدقاؤه أن شرب القهوة كتير غلط. فيسأل الأطباء ليفاجيء أن شرب القهوة كتير غلط فعلًا.. فيقع تحت وطأة صراع نفسي كبير يُغيّر من حياته رأسًا على عقب؟

لماذا لم يُصنَع فيلمًا حتى الآن عن فتاة تبكي كل ليلة في فراشها لأن موبايلها مفيهوش واي فاي؟

لماذا لم يُصنَع فيلمًا حتى الآن عن طفل يكره لبس البنطلونات الجينز لإنها تجعله بشكل ما أو بآخر يعاني من التسلخات الجلدية؟

لماذا لا تتناول الأفلام قضايا من قبيل، الهرش المستمر في الدماغ، بروز الكرش عند الرجال والسيدات، قضايا التمييز بين الولاد والبنات في المصروف، الـPrivacy على الفيس بوك ومشاكل الـTagging، الشرابات اللي ريحتها معفنة؟ 

لا أحد يعلم. ربما لأن هذه الأفكار والقضايا لا تصلح مواضيعًا لأفلامًا سينيمائية؟ إممم. معتقدش. أي حاجة تصلح موضوعًا لفيلم سينيمائي. أي حاجة!

"Anything؟"
"anything!"
"anything؟"
"yes,anything!"
"anything؟"
"anything!"
"anything؟"
"I'll get you, and it'll look like a bloody accident"

ما الذي يجعل عالمًا كهذا العالم الذي نعيش فيه محض كرة من نار؟ ليست الحروب، ولا القنابل، ولا أمريكا، ولا إسرائيل. هي تلك الأسباب التافهة التي ذُكِرت أعلاه. التسلخات. فيروسات الكمبيوتر. شرب القهوة. هرش الدماغ. الفيس بوك. هذا الهراء هو ما يجعل كوكبنا قِطعة من الجحيم.

اللعنة علينا إذن.
...عن نفسي.. أنا هدعي ربنا أن يقوم أحدهم بصنع فيلم يتناول فيه فكرة من هذه الأفكار المتواضعة (بالمناسبة.. أنا متنازل عن حقوق الملكية الفكرية، أي خدمة).