الخميس، 8 مارس 2012

مـــــــا سيحدُث !



ما سيحدث هو أنك ستصحو من نومك بتثاؤب سريع لا يستحق أن تفرد ذراعيك وتتطمع من أجله، ستزيل هذا اللحاف السميك الخشن، وستنطلق إلى الحمام لتفعل ما يفعله البني آدمين هناك، تذهب بعدها إلى المطبخ لتعد لنفسك كوبًا من الشاي، الذي لن يكون بداخل (مج) مُزخرف بكلمة Coffee، ولن يكون إلّا شاي ماركة العروسة (أو ليبتون في أفضل الأحوال).


ستهرش في منطقة أسفل عنقك (أو في مناطق أُخرى) وأنت تتحرك في الشقة ذهابًا وإيابًا لأسباب عدة لا أعرفها،.. لا أستطيع أن أخمن وأقول إن إنتا رايح الشغل النهاردة ولّا مش رايح ولكنني أستطيع أن أُجزم أنك تستشعر في تلك الأيام المملة من حياتك إنها مش فارقة.


لنفترض أن اليوم هو يوم الجُمعة، ستصلي صلاة الجمعة في المسجد الملاصق لمنزلك، وستعود إلى منزلك بملامح باهتة، وبانحناءة ظهر، لا تعرف سببًا لهما.

ما سيحدث هو أنك ستفعل ما تفعله كل يوم، تتغدى، وتنام، وتصحى، وتشوف أشغالك المملة، وطلبات البيت، إلخ.. ، و في الثلث الأخير من اليوم ستجلس أمام شاشة الكمبيوتر الـ15.4 إنش، لترى آخر أخبار البلد بعد أن أخذت قرارًا بالتوقف عن مشاهدة الزفت التلفزيون،.. ستقرأ أخبارًا لا تُفرِح، من قبيل (محاكمة مبارك إتأجلت، محاكمة مبارك إتأجلت مرة كمان، محاكمة العادلي تأجلت، رموز كنت تحترمها سيُحقق معها بتهمة التحريض، المزيد من الشهداء في مكان ما).



 ستغضب كثيرًا، ستكتب على الفيس بوك "يسقط حكم العسكر"، وفي أقرب فرصة، ستنزل مع أقرب مظاهرة لك (وقد تنزل التحرير لو كنت وطنيًا بزيادة)، ستهتف بقوة وصدق، ستعود بعدها إلى المنزل، ستشعر أنك لم تفعل شيئًا، وما سيؤكد هذا الشعور هو قراءتك لخبر مقزز، زي مثلًا (براءة محمد السني من قضية قتل المتظاهرين).


في وقت آخر ستجلس في القهوة، وستتحدث مع أحد أصدقائك الغير أوفياء (لاحظ أن: لا يوجد أصدقاء أوفياء في هذا الزمن)، وستشكي له ما يحدث في حياتك ، وبالمرة ستتحدث عن أحوال البلد، وستلعن سنسفيل أم ده وضع سياسي لا يريد أن يهدأ أو يستقر، وستدمع عيناك قليلًا عندما تتذكر صور الشهداء،.. بعدها ستعود إلى منزلك، وتقول لـوالدتك/زوجتك/أولادك نفس ما قلته مع صديقك، سيظهرون بعض الأسى، وأحيانًا سيتفاعلون معك في الكلام، ولكن الأمر سينتهي بجملة مثل "ربنا يصلح حال البلد دي" (بالرغم من علمك التام بأن الدُعا لوحده مش كفاية).

ستنام وأنت تُفكّر في أحلامك التي كنت تريد تحقيقها، كنت تريد أن تُصبح دكتورًا ولكن لم تساعدك درجاتك، كنت تريد أن تُصبح كاتبًا، واكتشفت إن الكتابة ملهاش مكان في هذه البلد، بالإضافة إلى انها مبتأكلش عيش، كنت تريد أن تحظى بزوجة، فلم تستطع، أو كنت تريد البقاء عازبًا، ولكن أهلك أجبروك، والآن أنت تُعاني من عدة أمراض لم تستمع إليها إلّا بعد زواجك،..... ستُفكّر أيضًا في تشاؤمك وتخاذلك الذي لم يفلح أبدًا في تحقيق الخير لك، ستتذكر صديقك المتفائل دائمًا، الذي أصبح مقيمًا الآن في دبي، وستقارن حالك بحالُه، ستحسده بدون قصد، ثم تتساءل"هوّا أنا لو كنت إتفائلت بالخير، كان ممكن ألاقيه ؟"، ستضع إجابتك، .. "أيوة.. الرسول بقول كده".. ولكن بالرغم من ذلك، ستأتي الأيام القادمة، والتفاؤل بعيد كل البُعد عنك.



ستُفكّر في ما ستفعله غدًا في الشغل، وستضع قرارات حاسمة، لأشياء لن تفعلها (أنا هخِس، أنا هشتري كتاب جديد وهرجع للقراية زي زمان، أنا هبطّل آخد رشاوي، أنا هبطّل سجاير وهشتري سيجارة إلكترونية)، وإن كان لديك مساحة من الفراغ العقلي ستجد نفسك تُفكر في جدوى الحياة، وفي ما ستفعله في هذا الكوكب الواسع الشاسع، ستجد أن الإجابة "ولا أيتُها حاجة"، ستتذكر جملة "إن لم تُزد على الحياة شيئًا ، فأنت زائدًا عليها"، ستقول في نفسك "والنعمة كلام زي الفل".


ستُغمض عينيك، ستنهي اليوم بكل ملابساته ومشاكله (مؤقتًا طبعًا)، ستُعدّل وضعية رأسك على مخدتك المهترئة، وستنام، ..... وكالعادة.. لن تحلم بأيّة أحلام، لا مُبهجة، ولا مُفزعة.



هناك 4 تعليقات:

  1. السلام عليكم..
    استمرار لنوعية من التدوينات التي قرأتها هنا....
    .....
    في كلام كتبته في هذا التعليق، وبعد ما كتبته مسحته، يمكن لأني خايف تزعل، بس الخلاصة إني مش عاجبني كل هذا الكم من السخط والتذمر وعدم التفاؤل.
    أعلم أنك قد يكون معك الكثيييير من الحق، لكني أبحث عن أي شيء أخرجك به من هذه الحالة...
    هشت لك الدنيا فمالك واجمًا
    وتبسمت فعلام لا تتبسم؟

    تاخد حتة تانية من تأليفي، يمكن أنفع في يوم أبقى صديق حتى وإن ظننت أنني غير وفي:

    لا تستكن وارمِ بثقلك في الحياة
    ما زال فيها بعض أطواق النجاة
    فامدد يديك لتلتقط طوقًا لك
    واشكر هدية من بلا أجر رماه
    إنا نمد إلى السماء أكفّنا
    والقلب يدعو والجوارح والشفاه
    وكما عهدنا فيك صبرٌ وجلَد
    فاصبر فإن الصبر يعطي من أتاه

    لو كل الكلام ده ما نفعش..

    خلاص...

    جرب تاخد واحدة هووولز!

    تحياتي..

    ردحذف
  2. ارتحت جدا لما قريت البوست
    لانى عرفت انى مش الوحيده اللى بشعر بالملل
    والكآبه والحزن لا ده فى غيرى كثير
    بس ارجع واقول الحمد لله على الصحه
    واهم شىء اننا لسه عايشين وبنهرش
    البوست دمه خفيف رغم نبره الحزن


    تحياتى

    ردحذف
  3. السلام عليكم..
    أوفيت بوعدي وكتبت تدوينة أرد فيها على تساؤلاتك عن مرشح رئاسة الجمهورية..
    تقبل تحياتي..

    ردحذف
  4. الصديق بهاء، أعجبتني جدًا القصيدة.

    وشكرًا على تدوينتك، هروح أشوفها وأقوّلك رأيي :)

    ردحذف

إتكلّم!