2014 |
أعتقد
أن الـ آلتيميت كليشيه هو أن تبدأ قصتك أو فيلمك أو تدوينتك بمشهدٍ لأحدهم وهو
يستيقظ من النوم، ولكن ما العمل؟ حياتنا تعتمد على الكليشيهات، فقط الرغبة في
تغيير خطوط سير السيناريو هو ما يصنع من الواقع واقعًا مقبولًا بأقل قدر من
الكليشيهات الرخيصة.
لنبدأ...
أستيقظ
من النوم، أراجع ما كتبته قبل موتي المؤقت، كُنت قد كتبت في الـdrafts أنني
أعتقد أن الـ آلتيميت كليشيه هو أن تبدأ قصتك أو فيلمك أو تدوينتك بمشهدٍ لأحدهم
وهو يستيقظ من النوم. أحاول أن أُكمل ما كتبته ولكن عقلي يرفض الاستمرار في تلك
السخافات.
الساعة
الآن الثامنة صباحًا، أتوجه إلى المطبخ.
لا.
أفهم. أنا فقط لا أفهم كيف ولماذا وما هو المبرر الذي يجعل الشمس تِنكة إلى هذا
الحد في بعض الأحيان؟ أنا آسف ولكن تَسَلُلكِ لغرفتي ساعة ونصف في اليوم مش كفاية. لم لا
تتسللين إلى المطبخ إلّا من الساعة السابعة إلى الساعة التاسعة والربع صباحًا؟ إديني من فضلك تفسير ًا لا يتعلق بحركتكِ من الشرق إلى الغرب ولا بالطريقة التي بُنيت ووُزِعَت بها الشبابيك في هذه العمارة.
أحب
الشمس كثيرًا، ويصبح حبي لها -أحيانًا- مَرضيًا بشكل سخيف، أجلس تحت الشمس إلى أن تتغير
لون يداي إلى لون قمحي أكثر غماقةً من المعتاد.. ظَهر كفّي الأيمن كل سنة ولّا إتنين يصاب
بنوع من الحساسية -التي تختفي بعد فترة- جراء تعرضه لأشعة الشمس، كنت أحاول البحث عن تفسير لهذا
الموضوع، اقترح أحدهم أنني قد أكون مصاص دماء ولكنّي لم أقتنع بما فيه الكفاية، آخر
أخبرني بشكل علميّ أكثر أنني قد أكون مصابًا بشكل جزئي بالـPMLE وهو نوع من أنواع الحساسية من أشعة الشمس، كان سيبدأ في شرح الأعراض لمقارنتها بالأعراض التي زارت يدي اليمنى،
ولكنني هززت رأسي وأخبرته بأن "ما علينا".. الموضوع فعلًا لا يستحق..
الشمس
ليست بهذا السوء، ربما كانت فقط تحاول أن تُزيد من قوة أشعتها حتى يتسنى لمستخدمي
الطاقة الشمسية تشغيل أجهزتهم الكهربائية بدون قلق، ربما كانت ترسل فائضًا من
الحرارة رغبًة في تدفئة الكوكب، من أجل "ديانا" مثلًا، الطفلة ذات العشر
سنوات التي تجلس وحيدةً مع عروستها هناك في رُوسيا داخل منزلها الخشبي، بعد أن
فقدت أبويها في حادث سيارة مؤلم.
كُنت
أنوي -الآن- أن أقتبس جملة ما عن الشمس وعلاقتها بالثليج من فيلمٍ ما ، ولكنني لن أفعل.
منذ أسبوع أخبرتني إحداهن أنني يجب عليّ التوقف عن أخذ
الأفلام كـ
references لكل ما يدور
حولي في الحياة.
- وإيه
المشكلة؟
- مينفعش
تبقى في قمقم كده طول الوقت.
- قمقم
إيه؟
- مينفعش
كل حاجة تجيبلها ريفرينس من القمقم بتاعك،.. أخرج شوية للعالم الحقيقي.
- القمقم
ميبقاش قمقم لو أنا اللي مختاره.
- لأ،
كل واحد هوا اللي بيختار القمقم بتاعه بنفسه.
- مش
مقتنع..
- لأ..
زي ما أنا بقولك كده.
***
في
فيلم Broken flowers يقول بيل
موراي (أنا آسف) في نهاية الفيلم:
"the past is gone, I know that. the future isn't here yet, whatever it is going to be, so, all there is, is This, the present. That's it!"
1979،
إيران، يخرج الشعب ليثور ضد الشاه، تمر الأيام، وينجح الشعب، يمر أحدهم (بقدميه؟ فوق سيارة؟)
حاملًا كاميرا ليوثق فرحة الناس، بين السيارات يجد فتاة وشاب، يرفع كلًا منهما يده
اليُمنى مُكورًا قبضته اتجاه السماء، يمتلأ وجهيهما بالفرحة والأمل في مستقبل
أفضل، ينظر الرجل من خلال عدسة الكاميرا، وتضغط سبابته على زر التقاط الصورة. تظل
هذه الصورة لسبب لا أعلمه من أحدى أكثر الصور إثارة للحزن والفرحة والتساؤلات -معًا-
التي رأيتها في حياتي. من كان يعرف أن ما سيحدث كان سيحدث؟ هل كانا يعرفان –الفتاة
والشاب- ما قد حدث للتو؟ هل استوعبا الموقف؟ أي باب أُغلِق وراءهما؟ وأي طريق هم
يسيرون فيه؟ تبدو كل الأسئلة تافهة وصغيرة وعبيطة وخالية من المعنى أمام صِدق اللحظة. العالم في تلك
اللحظة، في عام 1979 توقف بالنسبة إليهما. إيه اللي حصل وإيه اللي هيحصل، الماضي
بكل قرفه والمستقبل بكل مصائبه والواقع بكل ما هو عليه في أي مكان آخر هو خارج
العملية الحسابية... تلك اللحظة هي كل شيء، العالم كله ينكمش ليتلخص في تلك القبضتين، والابتسامتين.
1979، إيران. |
أكره
فراق الابتسامات، أبحث عنها في كل مكان، وأحاول بمرور الأيام تقوية ذاكرتي البصرية
حتى تتسنى لي فرصة تذكر تفاصيل ابتسامات من أحبهم (من أي بلد تنبع ابتسامتها؟ وإلى
أي قُطر من أقطار الأرض ينتهي الخط الموازي لشفتيها؟). أتجنب –أنا- عادة الابتسام، لأني
لا أؤمن سوى بالابتسامات الحقيقية، وأن
ترسم ابتسامة حقيقية –لا صفراء ولا باهتة- على وجهك لهو أمرٌ لو تعلمون عظيم.